"يأتي هذا الملف مثل عملية تدشين جديدة للموقع البحثي لشبكة ناس "ملفّات". تم تطوير هذا الملفّ ضمن إطار مشاركة شبكة "ناس" في مشروع "الشّاشات المتّحدة" وهو مشروع بحثي طويل الأمد يعنى بدراسة السبل المختلفة لتداول الأفلام والفيديو والثقافة السينمائية في جنوب العالم عبر طرح أسئلة التّكنولوجيا والرقابة والأرشيفات والتي تعرّضنا لها على مدار هذه المقدمة.
يركّز الملف على أسئلة البنية التحتية والتجربة الجماعية فيما يخصّ الثقافة السينمائية في شمال أفريقيا. نبدأ مع تونس، وعبر مختارات من ثلاث مقالات تترجم لنا الناقدة والمترجمة هاجر بودن ما تستعرضه الباحثة الفرنسية مورجان كوريو من تاريخ البنية التحتية للثقافة السينمائية من أرشيفات الجامعة التونسية لنوادي السينما وأيام قرطاج السينمائية وأيام درمش وما تحمله من توتّرات بين ما هو أيديولوجي وسياسي وما هو فنّي وجمالي، ثم نعرّج إلى تعليق الباحثة والناقدة أنصاف ماشطة على تلك الفترة تمهيداً لشهادتها الشخصية عن تجربة نشرة "سينيكري" في التسعينات والألفينات وكيف كانت الثورة التونسية نقطة تحول أساسية في تصوراتها عن السينيفليا والثقافة السينمائية وعلاقتها بالمجال العام.
من بعدها، ننتقل الى الكاتب حسام هلالي الذي يقدّم سرداً نقدياً لمختصر تاريخ المحطات الرئيسية للإنتاج البصري والسينمائي في السودان من بدايات الحداثة وحتّى اليوم ليطرح علينا محاولة للإجابة عن السؤال التالي: هل هناك بنية تحتية للسينما والثقافة السينمائية في السودان؟ لننطلق تالياً إلى الجزائر مع الكاتب والشاعر صلاح باديس الذي يستعرض مسحاً سينمائياً للجزائر في الأعوام العشرين الماضية، يبدأ بمحورية التجربة الجماعية لنادي سينما خرجت منه مجموعة متميّزة من أفلام السينما المعاصرة في الفترة الأخيرة في الجزائر كما يستعرض انقطاعات وانعزالات مبادرات الإنتاج السينمائي والثقافة السينمائية في هذه الفترة.
وصولاً إلى نهاية رحلتنا في هذا الملف مع المغرب، حيث يكتب القيّم والكاتب عمر برادة عن أطروحة الفنان والسينمائي المغربي الكبير أحمد بوعناني التي تبحث في كيفية تحرير الشاشة من الإستعمار ثم ننشر فصلاً من كتاب أحمد بوعناني "الباب السابع" عن تاريخ السينما المغربية، يتحدث فيه بوعناني عن فيلم "الذاكرة ١٤" كنموذج عن تحرير الشاشة من الاستعمار وعن التوترات التي حالت دون ذلك داخل البنية التحتية السينمائية ذات الصلة ألا وهي المركز السينمائي المغربي.
نأمل أن يكون هذا الملفّ نقطة انطلاق وبداية نحو إعادة تأريخ نقدي للسينيفليا العربية والثقافة السينمائية الجماعية."
تهدف مدوّنة ملفّات لإنتاج المعرفة حول الأفلام في المنطقة الناطقة باللغة العربية والحفاظ عليها. تعيد سلسلة “ملفّات ناس” إحياء دور المواد الأرشيفية كتقنيات للحفاظ على بناء المجتمعات والمشاركة فيها.
نتمنى ان تصبح ملفّات مساحة للنقاش حول التجارب المغايرة في المجال السينمائي كنوادي السينما ودور العرض المستقلة وغيرها، خاصةً فيما له علاقة ب “الطقس السينمائي” كما أطلق عليه أول ضيوفنا على هذة المنصة المخرج السوري نضال الدبس. فالمدوّنة ليست مكاناً لعرض قراءات أو مراجعات لأفلام وإنما هي مكان لطرح تساؤلات حول العناصر الأخرى التي تجعل من السينما مؤسسة ثقافية ومجتمعية فريدة.